الجمعة، 22 مارس 2013

تعرف على حرب العملات العالمية

تعرف على حرب العملات العالمية



سوق المضاربة بالعملات، كان أكبر المستفيدين من الأزمة العالمية خصوصا في العام الماضي، محققا حجما إجماليا يقدر بـ3.2 تريليون دولار عالميا. ولذلك سيظل هذا السوق دائما فرصة جيدة للاستثمار، شريطة الحذر.






العام الماضي عادت فصول الحرب الباردة بين القوى العظمي في العالم إلى الظهور، لكن هذه المرة مع أسلحة جديدة كليا. فالمتتبع لأسواق





العملات يرى أن الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة وأوروبا، كانت حامية الوطيس، خصوصا بين سلاحيها الرئيسين؛ الدولار واليورو، اللذين في المجمل عرفا سنة سيئة بكل المقاييس لكن بنسب ومقارنات متفاوتة، حيث حقق الاثنان أدنى مستوياتهما خلال العام المذكور.

الاستثمار في هذا السوق يعد مخاطرة كبيرة، لكن الخبير المالي فيليب غانم، المدير العام لـإي دي إس سيكيوريتيز، التي يبلغ رأسمالها 400 مليون دولار، والتي تتخذ من أبوظبي مقرا لها، يرى أن سوق المضاربة في العملات، أو بــ الفوركس كان أكبر الرابحين من الأزمة التي عرفت أخطر مراحلها في العام 2011.

وبالفعل فقد شكل العام الماضي عاما مليئا بالأخبار التي كانت العملات موضوعها الرئيسي، حيث بدأنا العام بالأزمة السياسية التي كانت على وشك العصف بالعلاقات الأمريكية الصينية، حين طلبت واشنطن من بكين، منذ بداية شهر مايو/ أيار من العام الماضي، تعديل قوانينها الحمائية في ما يخص عملتها المحلية اليوان، الذي تسعره الصين، برأي أمريكا، بأقل من قيمته الحقيقية بكثير.

بعد ذلك، انتقلت بنا الأحداث إلى مشكلة الدولار وسقوطه أمام اليورو في منتصف العام، بعد استمرار تفاقم أزمة الديون السيادية الأمريكية التي وصلت إلى 14 تريليون دولار وهو ما لم يجد له الرئيس الأمريكي حلا إلا التفكير في خطة التسيير الكمي التي من خلالها قد تقوم الحكومة بطباعة دولارات دون أن يكون هناك أصول من الذهب أو السلع الأخرى تقيم بها. الأمر الذي قد يضع الكثير من الشكوك حول قيمة الدولار بعد إقرار هذه الخطة.

لنودع العام بتصريحات لرؤساء أوروبيين متخوفين من أن تؤدي الأزمة إلى حل العملة الأوروبية الموحدة اليورو والعودة إلى العملات القديمة. غانم لم يرد الدخول كثيرا في هذه التفاصيل، ليقول ضاحكا: يعني هل ستختفي العملات من الوجود، طبعا لا، فإذا انخفضت عملة معينة أو انهارت اعلم أن هناك عملة أخرى سترتفع.

غانم يعزو ثقته في هذا السوق إلى نمو حجمه عالميا، حيث ارتفع متوسط معدل دورة رأس المال اليومية في سوق الفوركس من 2 تريليون دولار قبل 7 سنوات إلى ما يقارب الـ3.2 تريليون مع نهاية العام 2011، متوقعا أن يتخطى حاجز الـ4 تريليونات قريبا، وهو الأمر الذي جعل من هذا السوق أكثر الأسواق الاستثمارية حركة في تداولاته النقدية على مستوى العالم.

شكل هذا السوق في المجمل ملاذا، قد لا يكون آمنا لكنه مربح للغاية في سوق العملات، ليس هناك خسارة أكيدة، فإذا خسر الدولار ربح اليورو والعكس صحيح، يقول غانم الذي يبلغ حجم تعاملات شركته ما يفوق 300 إلى 400 مليار دولار بشكل يومي.






أيضا يشير غانم إلى أن نسبة الخسائر- إن حدثت- التي قد يتلقاها المستثمر في اليوم تجعل منه أيضا سوقا مربحا، فهذه النسبة قد تصل إلى %10 في سوق الأسهم، وأكثر من ذلك بكثير في أسواق أخرى، أما في الفوركس فهي لا تتعدى الـ%2. أيضا العملاء الذين ابتدأوا بالمضاربة بالعملات قبل 12 عاما، ما عادوا عملاء عاديين، هم اليوم خبراء في المضاربة بالعملات. أيضا هذا السوق يجعل اختياراتك عديدة، حيث تستطيع في اليوم الواحد بيع وشراء العديد من العملات، وهذا ما يجعل فرص ربحك أكبر، بالمقابل حجم المخاطر يكون أقل.

ومن العوامل الأخرى التي يرى غانم أنها تدعم نظرته التفاؤلية لسوق الفوركس، أن هذا السوق كان في العام الماضي أكثر الأسواق الاستثمارية سيولة عالميا، مستشهدا بأن بعض المستثمرين من سوق الأسهم والسوق العقاري، لجأوا إلى سوق المضاربة في العملات بعد أن تراكمت خسائرهم في هذه الأسواق. قدموا لهذا السوق لأنهم يستطيعون التحكم في أموالهم بشكل مباشر يقول غانم مضيفا ما عاد المستثمر يرغب في استثمار أمواله عند شركات إدارة الأصول، التي يتحدث معه مديرها قائلا: لقد خسرت %20 من أموالك، ولا تنسى أننا سنأخذ %10 منها كرسوم إدارة، مشيرا إلى أن من الأشياء التي خلفتها الأزمة أن جعلت المستثمر أكثر خوفا على أمواله ولذلك يرغب في إدارتها بنفسه وبشكل مباشر. وهذا ما يقدمه له سوق المضاربة في العملات، الذي وصفه بـالمربح دائما.

نايجل فيردون، الخبير الاقتصادي بشركة تريد إن فوركس، وافق غانم في أن هذا السوق يتمتع بفرص كبيرة للربح، وأن أداءه كان جيدا في الأعوام القليلة الماضية، كما وافقه أيضا في توقعاته الإيجابية للسوق في المستقبل. لكنه، وفي المقابل، اختلف معه في أن هذا السوق ليس دائما مربحا، وهو خطير جدا، حيث يقول الخطر هنا، أنه يمكنك خسارة كل ما تملك بقرار سيئ واحد، قد يكون ناتجا عن يوم سيئ أو حالة نفسية سيئة، مشبها هذا السوق بلعبة القمار، حيث مهما كنت خبيرا ففرص خسارتك واردة ومهما كانت خبرتك ودراستك ونجاعة استراتيجيتك فلن تكون نسبة النجاح أكثر من الـ%80 في أحسن الأحوال، ولذلك عليك معرفة أن الـ%20 المتبقية هي عبارة عن حظ.

غالبية التعاملات ترتكز على العملات الرئيسية وأكثرها سيولة، والتي تعرف في القطاع تحت اسم العملات الرئيسية، ومن بينها الدولار الأمريكي واليورو، والجنيه البريطاني والفرنك السويسري والين الياباني، ولذلك ليس من المستغرب أن تجد أن أكثر من %80 من تعاملات هذا السوق تتم بهذه العملات. ورغم أن كل المؤشرات تشير إلى أن الدولار سيحتفظ بمكانته كعملة العالم الرئيسية، إلا أن المنافسة قد تأتيه هذه المرة من بعيد، فاليورو ورغم قوته، لن يستطيع إزاحة الدولار من عرشه، كونه يملك طابعا سياسيا أكثر من طابعه الاقتصادي البحت، حسب غانم، الذي يقول عام 2012 لن يكون عام الدولار واليورو مشيرا إلى أن مستقبل سوق الفوركس قد يكمن في عملات الدول الناشئة، وعلى رأسها الروبية الهندية واليوان الصيني، أما في عالمنا العربي، فهو يرى أن الأشهر القليلة المقبلة ستعرف نموا كبيرا في عملات الدول التي عرفت الربيع العربي كالجنيه المصري والدينار التونسي ونظيره الليبي.






وبشكل عام، يعترف غانم أن هناك طلبا كبيرا على العملات العربية، نفتح من 3 إلى 8 حسابات جديدة كل يوم، وهذا يدل على الطلب المتزايد، متوقعا أن يرتفع هذا الطلب في السنوات الثلاث المقبلة، لكن ليحصل هذا يجب علينا أن نتوفر على شركات مضاربة قوية في العملات، يقول غانم الذي يتحدث عن أن سوق العملات هو أكثر أمانا في العالم العربي منه في أوروبا وأمريكا، ويعزو ذلك إلى التخبطات الاقتصادية وخصوصا ما سماه بالأخطاء غير المبررة لصناع القرار. أما في العالم العربي، فيقول غانم إن القوانين المنظمة لهذا السوق أكثر صرامة وحزما وهذا ما يجعل نسبة الخطأ أقل في العام الماضي، جاءنا الكثير من المستثمرين من أوروبا وأمريكا من أجل المضاربة بالعملات انطلاقا من أبوظبي، وهذا ما يوضح حجم الثقة التي نمتلكها هنا.

أيضا من المشاكل التي تواجه هذا القطاع في أوروبا وأمريكا الصعوبة الكبيرة التي يواجهها أي شخص يرغب في تأسيس شركة للمضاربة في العملات، إضافة إلى أن عليه ضخ رأسمال كبير في الشركة وهذا صعب جدا هناك، أما في عالمنا العربي وخصوصا في منطقة الخليج، فلا تزال المصارف قوية وتستطيع تمويل مشاريع من هذا النوع.

وكما كان العام 2011 عام نمو كبير لـالفوركس، سيكون العام 2012 كذلك، وربما بشكل أكبر مما قد نتوقع، يقول غانم صحيح أن بعض العملات قد تعرف عاما صعبا خصوصا اليورو، إلا أن حجم السوق بشكل عام سيرتفع في 2012، ولذلك ينصح المستثمرين باستثمار الفرص بكل قوتهم، لكن مع أخذ بعض الاحتياطات كعدم المخاطرة بشكل مبالغ فيه، والتعاقد مع مضارب معترف به ويملك سمعة جيدة، كما لا يجب أن يغفل السؤال عن رأسمال هذا المضارب. بالإضافة إلى الانضباط حيث إذا وصل إلى الأرباح المتوقعة فعليه البيع، من دون أن يغامر في انتظار أرباح أكبر.

أما بشكل عام فنصيحة غانم للمستثمرين أن يبقوا في مجالاتهم، وأن لا يغامروا في مجال لا يفهمون فيه، مشيرا إلى أن 2012 ليس عام المغامرة بل هو عام الحفاظ على ما يمتلكه الشخص وحمايته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إذا أعجبك الموضوع ! فضلاً لاتخرج قبل أن تترك تعليقاً .

مواضيع ذات صلة

Loading...